الدكتور عبدالجبار جليلية
الصورة هي وثيقة رسمية/مراسلة مؤرخة في 14/8/1946 موجهة إلى رئيس مجلس مراقبة السير على الطرق من خلال حاكم لواء القدس للمنطقة الخارجية.
• التاريخ 1946 يسبق النكبة بعامين فقط، أي في ظل فترة الانتداب البريطاني على فلسطين.
• الوثيقة تعكس إحدى صور التنظيم الأهلي والقروي في تلك المرحلة، حيث شكّلت القرى لجان إصلاح محلية لمعالجة قضاياها مع سلطات الانتداب.
موضوع الوثيقة:
• لجنة إصلاح قرية المالحة (قضاء القدس) تطلب من السلطات السماح لشركة باصات المالحة المحدودة بتسيير خط مواصلات من القرية إلى القدس مروراً بالقطون وكولونية اليونان وكولونية الألمان والمحطة وباب الخليل.
• المبرر: حاجة الأهالي الملحة لوسيلة نقل تسهّل الوصول إلى الأسواق والمراكز الطبية والتعليمية.
• الرسالة موقعة من رئيس لجنة إصلاح القرية عبد الفتاح درويش وأعضاء اللجنة: عزت درويش، سعيد إبراهيم، عوض الله إبراهيم، عوض الله بشير، وأحمد حسن أحمد.
• وتحتها تواقيع طويلة لمجموعة من وجوه وأهالي القرية، منهم: أحمد حسن أحمد، محمد إسماعيل عودة، أحمد موسى عودة، داود عبد الله… إلخ.
هذه التواقيع تعكس "الإجماع القروي" ودور الوجهاء في إقرار المطالب.
• اللغة رسمية مؤدبة، تبدأ بالتحية وتخاطب المسؤولين بعبارات الاحترام ("بواسطة حضرة مساعد حاكم لواء القدس...").
• تُبرز الوثيقة طابعاً جماعياً "نحن الموقّعين"، بما يعكس الوعي الشعبي بأهمية التضامن.
• الطلب مشفوع بحجج عملية: توفير النقل، الوصول للعلاج، التخفيف من عناء السفر، ربط القرية بالمدن.
• الجانب الاجتماعي، يظهر وعي القرويين بأهمية المواصلات للنهوض الاقتصادي والصحي.
• الجانب الإداري، العلاقة بين الأهالي وسلطة الانتداب تمر عبر وسطاء ولجان، ما يعكس البيروقراطية البريطانية.
• الجانب الوطني، رغم أنها مطالبة خدمية، إلا أن مضمونها يكشف عن تشكّل "بنية تحتية" وطنية قادرة على بلورة المطالب الجماعية.
الوثيقة تمثل نموذجاً للعلاقة بين القرى الفلسطينية وسلطات الانتداب البريطاني عام 1946، حيث سعى الأهالي، من خلال لجان الإصلاح والوجهاء، إلى تحسين ظروفهم المعيشية عبر مطالب عملية كالنقل والمواصلات. هذا الطلب البسيط يضيء على حياة الفلسطينيين اليومية قبل النكبة، ويُظهر كيف كانت القرى تنظم نفسها وتتعامل مع مؤسسات الحكم آنذاك.