13/09/2023
ضمن عمله الدؤوب في مجال الوثائق الفلسطينية، توقّف فريق "هوية" أمام وثائق نادرة تعود إلى أربعينيات القرن الماضي، تحكي فصلاً مهمًّا من سيرة أحد أبناء مدينة يافا، محمد أديب العامري، الذي تقدّم بطلب رسمي للحصول على الجنسية الفلسطينية مرتين: الأولى عام 1943 ولم يُكتب لها النجاح، والثانية عام 1945 حيث حصل بموجبها على الجنسية الفلسطينية رسميًا.
الوثائق المحفوظة بعناية منذ أكثر من سبعة عقود، تُظهر أن محمد أديب العامري، المولود في يافا عام 1907، كان متزوّجًا من السيدة سهام جبري، المولودة في دمشق عام 1909، ولهما من الأبناء أروى وعنان. وقد ورد في وثيقة أن مهنته “موظف في حكومة فلسطين” دون تفصيل.
البحث في اسم محمد أديب العامري قاد الفريق إلى شخصية بارزة في التاريخ الأردني الحديث، حيث تبيّن أن صاحب الوثائق هو نفسه الذي شغل لاحقًا مناصب رفيعة في المملكة الأردنية الهاشمية، منها: وزير الخارجية، وسفير الأردن لدى مصر، ووزير التربية والتعليم، ووزير الثقافة والإعلام.
مع هذا الاكتشاف، سعى الفريق للتواصل مع أقاربه بهدف إعادة الوثائق إلى العائلة. وبعد جهود وبدعم وتنسيق من جمعية يافا في عمّان، تم الوصول إلى السيد وليد أديب العامري، وهو ابن عم محمد أديب العامري. وبمبادرة من الجمعية، تم ترتيب لقاء في عمّان جمع بين السيد وليد والسيد ماجد الجمال، مندوب "هوية"حيث تم تسليم الوثائق الأصلية، بما فيها صورة مقدم الطلب وشهادة الجنسية الفلسطينية، وشرح خلفية المشروع وأهدافه في حفظ الذاكرة الوطنية وتوثيق التاريخ الشخصي للعائلات الفلسطينية.
تلقى السيد وليد هذه المبادرة بكل إيجابية وترحيب، وقدّم ما لديه من معلومات حول حياة ابن عمه بعد النكبة، وسنواته في المنفى والنشاط السياسي والثقافي الذي تميّز به.
هذا الإنجاز لا يُعدّ مجرد إعادة لوثيقة، بل هو فعل وفاء لذاكرة وطنية، وإسهام ملموس في ربط العائلات الفلسطينية بتاريخها، وتعزيز الشعور بالانتماء والهوية. فبعد سبعين عامًا من إصدارها، عادت الوثائق إلى أقارب صاحبها، شاهدةً على أن للورق ذاكرة، وللتاريخ بوصلة لا تخطئ طريقها.